السلام عليكم
الحمد لله الذي أنعم علينا بشهر الصيام، وأكرمنا فيه
بنفحات الرحمة والغفران، والصلاة والسلام على خير الأنام، من أفنى عمره في
عبادة ربه من صلاة وصيام وقيام وغيرها من عبادة خالصة للواحد الديان، وعلى
آله وأصحابه الكرام، أما بعد:
إلى إمام المسجد العزيز، إلى من يبلغ الناس دين ربهم - تعالى -، إلى من
يرث الأنبياء في مهمتهم، ومن يقف على ثغرة من ثغرات الإسلام؛ نهدي هذه
الفكرة الدعوية الطيبة، وهي فكرة:
الإفطار الجماعي في المسجد:
وهي أن يعلن إمام المسجد - في يوم من أيام هذا الشهر المبارك - للناس
بأن القائمين على ذلك المسجد المبارك يودون إقامة إفطار جماعي، يتعرف فيه
الناس بعضهم على بعض، ويحس فيه المسلم بأن له إخوة في الله يؤازرونه ويقفون
معه، ويتعرفون فيه على بعض المشاكل في الحي؛ حتى يسعون لإيجاد الحل
المناسب لها، ويتم فيه تفقد الفقير لتتم مواساته، وكذا الضعيف ليعينوه،
والمظلوم لرفع الظلم بقدر الاستطاعة.
في هذا اليوم يبث الإخوة المسلمون في هذا الإفطار الجماعي روح الأخوة،
روح الجسد الواحد، روح الإيثار والجود، فلا نزاع ولا شجار، لا صياح ولا
سباب، لا كبر ولا سخرية، فالكل في دين الله جسد واحد، إخوة لأسرة واحدة وهي
أسرة الإسلام، فلا فضل لعربي على عجمي، ولا لأبيض على أسود؛ إلا بالتقوى.
وهكذا أيها الإمام تحث الناس على هذا الإفطار الجماعي، ويمكن أن تعلق في
مكان مناسب من مسجدك - زيادة على ذلك الإعلان - ورقة ترحيب بمن سيشارك في
هذا الإفطار الجماعي، وإن كان مع مسجدك مرافق أخرى فلا بأس بأن يخصص أيضاً
مكان لإفطار النساء فيه إفطاراً جماعياً، ويتم التنسيق ليقوم كل أحدٍ من
المشاركين بإحضار ما استطاع من طعام أو فاكهة أو عصير أو غير ذلك من منزله.
فما أروعه من لقاء! وما أعظمه من اجتماع أخوي رائع فذ.
ولك أيها الإمام أن تفعله في أكثر من ليلة من ليالي رمضان.
وأخيراً: من المهم في هذه المناسبة أن تتنبه لهذه الأمور، وتنبه عليها بحكمة وبصيرة:
1- التنبيه على عدم التبذير في الطعام، ومما يساعد على ذلك: أن لا يوضع
كل الطعام الموجود أمام الآكلين، ولكن ليحفظ الأكل في أوان كبيرة خاصة، ثم
يوزع منها حسب المطلوب، حتى إذا انتهى الإخوة من الأكل؛ يُرجع لما تبقى في
الأواني الكبيرة مما لم يتلوث بإدخال الأيدي فيه، ثم يُغرف منه بملعقة أو
نحوها في أكياس وأوانٍ صغيرة، ويتم توزيعها على من أراد من الحاضرين، أو
توصيلها لأناس فقراء في مناطق أخرى.
2- تنبيه الناس على بعض آداب الطعام.
3- حفظ أواني الناس من الإتلاف، أو الضياع، ومما يعين على ذلك مثلاً: وضع لاصق على كل إناء يكتب عليه أو يرمز فيه بصاحب ذلك الإناء.
4- الحرص على عدم الاختلاط، وأن يكون مكان الرجال بعيداً عن مكان النساء إن كان هناك إفطار للنساء والرجال.
5- أن تشكل لجنة من طلاب التحفيظ تقوم بتنظيم المكان، وتوزيع الناس،
وفرش السفر، وتوزيع الطعام، ثم القيام بما يلزم بعد الانتهاء من الطعام، لا
أن تجعل الضيوف هم الذين يقومون بذلك.
نسأل الله - تعالى - أن يوفقك أيها الإمام، وأن يوفق كل داعية إلى الله -
تعالى -، وأن يأخذ بأيدينا جميعاً لما يحبه ويرضاه، والحمد لله رب
العالمين.