الامل الساطع
المدير العام
الساعه الان : عدد المساهمات : 956 نقاط : 7513 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 23/04/2012 العمر : 29 احترام قوانين المنتدى : دولتي : :
| موضوع: سلسلة تفسيرُ القرآن الكَريم لابْنِ القيّم الجوزية!؟ سُورَةُ إبراهيم السبت مايو 19, 2012 6:05 am | |
|
زوار و أعضاء المنتدى أتيناكم اليــــومْ بهديّة متواضعة
أضعُها بين أيادي أحبّائنا الكرام
عبارة عن سِلسِلة كَرِيمَة بِعُنوان
تفسير ابْن القيّم
لبَعْض آيات القرآن الكريم
للعَالِمِ القيّم محمد بن أبى بكر ابن قيم الجوزية!؟
نسأل الله تعالى أن ينفعَنا بِها!؟
سورة إبراهيم
[سورة إبراهيم (14) : آية 18]
" مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (18) "
شبه اللّه تعالى أعمال الكفار في بطلانها وعدم الانتفاع بها برماد مرت عليه ريح شديدة في يوم عاصف: فشبه سبحانه أعمالهم في حبوطها وذهابها باطلا كالهباء المنثور ، لكونها على غير أساس من الإيمان والإحسان ، وكونها لغير اللّه عز وجل ، وعلى غير أمره : برماد طيرته الريح العاصف. فلا يقدر صاحبه على شيء منه وقت شدة حاجته إليه. فلذلك قال : لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ لا يقدرون يوم القيامة مما كسبوا من أعمالهم على شيء. فلا يرون له أثرا من ثواب ، ولا فائدة نافعة. فإن اللّه لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه ، موافقا لشرعه. والأعمال أربعة : فواحد مقبول. وثلاثة مردودة. فالمقبول : الخالص الصواب. فالخالص : أن يكون للّه لا لغيره.
و الصواب: أن يكون مما شرعه اللّه على لسان رسوله. والثلاثة المردودة ما خالف ذلك. وفي تشبيهها بالرماد سرّ بديع. وذلك للتشابه بين أعمالهم وبين الرماد ، في إحراق النار وإذهابها لأصل هذا وهذا. فكانت الأعمال التي لغير اللّه ، وعلى غير مراده : طعمة للنار ، وبها تسعّر النار على أصحابها. وينشئ اللّه سبحانه لهم من أعمالهم الباطلة نارا وعذابا ، كما ينشئ لأهل الأعمال الموافقة لأمره ونهيه التي هي خالصة لوجهه من أعمالهم نعيما وروحا ، فأثرت النار في أعمال أولئك حتى جعلتها رمادا. فهم وأعمالهم وما يعبدون من دون اللّه وقود النار.
[سورة إبراهيم (14) : الآيات 24 إلى 25]
" أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ (24) تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (25) "
شبه سبحانه الكلمة الطيبة بالشجرة الطيبة. لأن الكلمة الطيبة تثمر العمل الصالح ، والشجرة الطيبة تثمر الثمر النافع:
وهذا ظاهر على قول جمهور المفسرين الذين يقولون : الكلمة الطيبة : هي شهادة أن لا إله إلا اللّه. فإنها تثمر جميع الأعمال الصالحة ، الظاهرة والباطنة. فكل عمل صالح مرض للّه فهو ثمرة هذه الكلمة. وفي تفسير علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : كلمة طيبة : شهادة أن لا إله إلا اللّه. كشجرة طيبة : وهو المؤمن. أصلها ثابت قول : لا إله إلا اللّه في قلب المؤمن وَفَرْعُها فِي السَّماءِ يقول : يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء. وقال الربيع بن أنس : كلمة طيبة : هذا مثل الإيمان. فإن الإيمان الشجرة الطيبة ، وأصلها الثابت الذي لا يزول : الإخلاص فيه.
وفرعها في السماء : خشية اللّه. والتشبيه على هذا القول أصح وأظهر وأحسن. فإنه سبحانه شبه شجرة التوحيد في القلب بالشجرة الطيبة الثابتة الأصل ، الباسقة الفرع في السماء علوا ، التي لا تزال تؤتي ثمرتها كل حين. وإذا تأملت هذا التشبيه رأيته مطابقا لشجرة التوحيد الثابتة الراسخة في القلب التي فروعها من الأعمال الصالحة صاعدة إلى السماء. ولا تزال هذه الشجرة تثمر الأعمال الصالحة كل وقت ، بحسب ثباتها في القلب ، ومحبة القلب لها ، وإخلاصه فيها ، ومعرفته بحقيقتها ، وقيامه بحقوقها ، ومراعاتها حق رعايتها. فمن رسخت هذه الكلمة في قلبه بحقيقتها التي هي حقيقتها ، واتصف قلبه بها ، وانصبغ بها بصبغة اللّه التي لا أحسن صبغة منها. فعرف حقيقة إلهيته التي يثبتها قلبه للّه ، ويشهد بها لسانه ، وتصدقها جوارحه ، ونفي تلك الحقيقة ولوازمها عن كل ما سوى اللّه وواطأ قلبه لسانه في هذا النفي والإثبات ، وانقادت جوارحه لمن شهد له بالوحدانية طائعة سالكة سبل ربه ذللا غير ناكبة عنها ولا باغية سواها بدلا. كما لا يبتغي القلب سوى معبوده الحق بدلا. فلا ريب أن هذه الكلمة من هذا القلب على هذا اللسان لا تزال تؤتي ثمرتها من العمل الصالح الصاعد إلى اللّه كل وقت. فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل الصالح إلى الرب تعالى.
وهذه الكلمة الطيبة تثمر كلما كثيرا طيبا ، يقارنه عمل صالح ، فيرفع العمل الصالح الكلم الطيب ، كما قال تعالى : 35 : 10 إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ فأخبر سبحانه ، أن العمل الصالح يرفع الكلم الطيب. وأخبر أن الكلمة الطيبة تثمر لقائلها عملا صالحا كل وقت. والمقصود : أن كلمة التوحيد إذا شهد بها المؤمن عارفا بمعناها وحقيقتها نفيا وإثباتا ، ومتصفا بموجبها ، قائما قلبه ولسانه وجوارحه بشهادته. فهذه الكلمة الطيبة هي التي رفعت هذا العمل من هذا الشاهد أصلها ثابت راسخ في قلبه. وفروعها متصلة بالسماء. وهي مخرجة ثمرتها كل وقت.
تفسير القرآن الكريم (ابن القيم) ، ص : 342 و من السلف من قال : إن الشجرة الطيبة هي النخلة. ويدل عليه حديث ابن عمر في الصحيح. ومنهم من قال : هي المؤمن نفسه. كما قال محمد بن سعد : حدثني أبي حدثني عمي حدثني أبي عن ابن عباس في قوله : أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ يعني بالشجرة الطيبة : المؤمن ، ويعني بالأصل الثابت في الأرض ، والفرع في السماء : بكون المؤمن يعمل في الأرض ويتكلم ، فيبلغ عمله وقوله السماء. وهو في الأرض.
وقال عطية العوفي في قوله : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ قال : ذلك مثل المؤمن ، لا يزال يخرج منه كلام طيب وعمل صالح يصعد إلى اللّه. وقال الربيع بن أنس : أصلها ثابت وفرعها في السماء ، قال : ذلك المؤمن ضرب مثله في الإخلاص للّه وعبادته وحده لا شريك له ، أصلها ثابت قال : أصل عمله ثابت في الأرض ، وفرعها في السماء قال : ذكره في السماء. ولا اختلاف بين القولين. والمقصود بالمثل : المؤمن ، والنخلة مشبهة به ، وهو مشبه بها. وإذا كانت النخلة شجرة طيبة فالمؤمن المشبه بها أولى أن يكون كذلك. ومن قال من السلف : إنها شجرة في الجنة. فالنخلة من أشرف أشجار الجنة. وفي هذا المثل من الأسرار والعلوم والمعارف ما يليق به ، ويقتضيه علم الرب الذي تكلم به ، وحكمته سبحانه. فمن ذلك : أن الشجرة لا بد لها من عروق وساق وفروع وورق وثمر. فكذلك شجرة الإيمان والإسلام ليطابق المشبه المشبه له. فعروقها : العلم و المعرفة ، واليقين وساقها : الإخلاص ، وفروعها : الأعمال وثمرتها : ما توجبه الأعمال الصالحة من الآثار الحميدة ، والصفات الممدوحة ، والأخلاق الزكية ، والسّمت الصالح والهدى والدّلّ المرضي. فيستدل على غرس هذه الشجرة في القلب وثبوتها فيه بهذه الأمور.
فإذا كان العلم صحيحا مطابقا لمعلومه الذي أنزل اللّه كتابه به ، والاعتقاد مطابقا لما أخبر به عن نفسه ، وأخبرت به عنه رسله ، والإخلاص قائم في القلب ، والأعمال موافقة للأمر ، والهدى والدّل والسّمت مشابه لهذه الأصول مناسب لها : علم أن شجرة الإيمان في القلب أصلها ثابت وفرعها في السماء. وإذا كان الأمر بالعكس علم أن القائم بالقلب إنما هو الشجرة الخبيثة ، التي اجتثّت من فوق الأرض ما لها من قرار. ومنها : أن الشجرة لا تبقى حية إلا بمادة تسقيها وتنميها. فإذا قطع عنها السقي أوشك أن تيبس. فهكذا شجرة الإسلام في القلب ، إن لم يتعاهدها صاحبها بسقيها كل وقت بالعلم النافع والعمل الصالح ، والعود بالتذكر على التفكر ، وبالتفكر على التذكر ، وإلا أوشك أن تيبس. وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي هريرة قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم «إن الإيمان يخلق في القلب كما يخلق الثوب ، فجددوا إيمانكم». وبالجملة : فالغرس إن لم يتعاهده صاحبه أوشك أن يهلك.
ومن هاهنا تعلم شدة حاجة العباد إلى ما أمر اللّه به من العبادات على تعاقب الأوقات ، ومن عظيم رحمته ، وتمام نعمته وإحسانه إلى عباده : أن وظفها عليها وجعلها مادة لسقي غراس التوحيد الذي غرسه في قلوبهم. ومنها : أن الغرس والزرع النافع قد أجرى اللّه سبحانه العادة أنه لا بد أن يخالطه دغل ونبت غريب ، ليس من جنسه. فإن تعاهده ربه ونقاه وقلعه
تفسير القرآن الكريم (ابن القيم) ، ص : 344 كمل الغرس والزرع ، واستوى وتم نباته ، وكان أوفر لثمرته وأطيب ، وأذكى. وإن تركه أوشك أن يغلب على الغراس والزرع ، ويكون الحكم له أو يضعف الأصل ويجعل الثمرة ذميمة ناقصة بحسب كثرته وقلته. ومن لم يكن له فقه نفس في هذا ومعرفة به ، فإنه يفوته ربح كبير. وهو لا يشعر. فالمؤمن دائما سعيه في شيئين : سقي هذه الشجرة ، وتنقية ما حولها. فبسقيها تبقى وتدوم ، وبتنقية ما حولها تكمل وتتم. واللّه المستعان وعليه التكلان. فهذا بعض ما تضمنه هذا المثل العظيم الجليل من الأسرار والحكم. ولعلها قطرة من بحر ، بحسب أذهاننا الواقفة ، وقلوبنا المخطئة ، وعلومنا القاصرة. وأعمالنا التي توجب التوبة والاستغفار ، وإلا فلو طهرت منا القلوب ، وصفت الأذهان ، وذكت النفوس ، وخلصت الأعمال ، وتجردت الهمم للتلقي عن اللّه ورسوله لشاهدنا من معاني كلام اللّه وأسراره وحكمه ما تضمحل عنده العلوم ، وتتلاشى عنده معارف الخلق. وبهذا تعرف قدر علوم الصحابة ومعارفهم ، وأن التفاوت الذي بين علومهم وعلوم من بعدهم كالتفاوت الذي بينهم وبينهم في الفضل. واللّه أعلم حيث يجعل مواقع فضله ، ويختص من يشاء برحمته.
فصل: ثم ذكر سبحانه مثل الكلمة الخبيثة. فشبهها بالشجرة الخبيثة التي اجتثت من فوق الأرض ، ما لها من قرار ، فلا عرق ثابت ، ولا فرع عال ، ولا ثمرة زاكية. فلا أصل ، ولا جنّى ، ولا ساق قائم ، ولا عرق في الأرض ثابت. فلا أسفلها مغدق ، ولا أعلاها مونق ولا جنى لها ، ولا تعلو ، بل تعلى.
و إذا تأمل اللبيب أكثر كلام هذا الخلق في خطابهم وكتبهم. وجده كذلك. فالخسران كل الخسران : الوقوف معه ، والاشتغال به عن أفضل الكلام وأنفعه ، الذي هو كتاب الرب سبحانه. قال الضحاك : ضرب اللّه مثل الكافر بشجرة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار. يقول : ليس لها أصل ولا فرع. وليس لها ثمرة ، ولا فيها منفعة. كذلك الكافر لا يعمل خيرا ، ولا يقوله ، ولا يجعل له فيه بركة ولا منفعة. وقال ابن عباس : ومثل كلمة خبيثة : وهي الشرك ، كشجرة خبيثة : يعني الكافر. اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار ، يقول : الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ، ولا برهان. ولا يقبل اللّه مع الشرك عملا ، فلا يقبل عمل المشرك ولا يصعد إلى اللّه ، فليس له أصل ثابت في الأرض ، ولا فرع في السماء يقول : ليس له عمل صالح في السماء ولا في الأرض. وقال الربيع بن أنس : مثل الشجرة الخبيثة مثل الكافر ، ليس لقوله ولا لعمله أصل ولا فرع ، ولا يستقر قوله ولا عمله على الأرض ، ولا يصعد إلى السماء. وقال سعيد عن قتادة في هذه الآية : إن رجلا لقي رجلا من أهل العلم ، فقال له : ما تقول في الكلمة الخبيثة؟ قال : ما أعلم لها في الأرض مستقرا ، ولا في السماء مصعدا ، إلا أن تلزم عنق صاحبها ، حتى يوافي بها القيامة. وقوله «اجتثت» أي استؤصلت من فوق الأرض. ثم أخبر سبحانه عن فضله وعدله في الفريقين : أصحاب الكلم الطيب ، وأصحاب الكلم الخبيث. فأخبر أنه يثبت الذين آمنوا بإيمانهم بالقول الثابت أحوج ما يكونون إليه في الدنيا والآخرة ، وأنه يضل الظالمين، و هم المشركون عن القول الثابت. فأضل هؤلاء بعدله لظلمهم ، وثبت المؤمنين بفضله لإيمانهم.
[سورة إبراهيم (14) : آية 27]
" يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ (27) "
تحت هذه الآية كنز عظيم ، من وفّق لمعرفته وحسن استخراجه واقتنائه وأنفق منه فقد غنم ، ومن حرمه فقد حرم. وذلك أن العبد لا يستغني عن تثبيت اللّه له طرفة عين. فإن لم يثبته اللّه ، وإلا زالت سماء إيمانه وأرضه عن مكانهما. وقد قال تعالى لأكرم خلقه عليه عبده ورسوله 17 : 74 وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا وقال تعالى لأكرم خلقه 8 : 12 إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا وفي الصحيحين من حديث البجلي قال : «و هو يسألهم ويثبتهم» وقال تعالى لرسوله : 11 : 120 وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ. والخلق كلهم قسمان : موفق بالتثبيت ، ومخذول بترك التثبيت. ومادة التثبيت أصله ومنشؤه من القول الثابت ، وفعل ما أمر به العبد. فبهما يثبت اللّه عبده. فكل من كان أثبت قولا وأحسن فعلا كان أعظم تثبيتا قال تعالى : 4 : 66 وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً. فأثبت الناس قلبا : أثبتهم قولا. والقول الثابت : هو القول الحق الصدق. وهو ضد القول الباطل الكذب. فالقول نوعان : ثابت له حقيقة ، وباطل لا حقيقة له. وأثبت القول : كلمة التوحيد ولوازمها. فهي أعظم ما يثبت اللّه بها
تفسير القرآن الكريم (ابن القيم) ، ص : 347 عبده في الدنيا والآخرة. ولهذا ترى الصادق من أثبت الناس وأشجعهم قلبا ، والكاذب من أبغض الناس وأخبثهم وأكثرهم تلونا ، وأقلهم ثباتا. وأهل الفراسة يعرفون صدق الصادق من ثبات قلبه وقت الاخبار وشجاعته ومهابته. ويعرفون كذب الكاذب بضد ذلك. ولا يخفى ذلك إلا على ضعيف البصيرة. وسئل بعضهم عن كلام سمعه من متكلم به؟. فقال : واللّه ما فهمت منه شيئا إلا أني رأيت لكلامه صولة ليست صولة مبطل.
فما منح العبد منحة أفضل من منحة القول الثابت ، ويجد أهل القول الثابت ثمرته أحوج ما يكونون إليه في قبورهم ، ويوم معادهم. كما في صحيح مسلم من حديث البراء بن عازب عن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم «إن هذه الآية نزلت في عذاب القبر».
| |
|