falah12 عضو مشارك
الساعه الان : عدد المساهمات : 1 نقاط : 4581 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 10/05/2012 احترام قوانين المنتدى : دولتي : :
| موضوع: التفسير السعدي لسورة طه الجزء 3 السبت مايو 19, 2012 1:37 pm | |
|
تفسير سورة طه
( وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي ) أي: سهل علي كل أمر أسلكه وكل طريق أقصده في سبيلك، وهون علي ما أمامي من الشدائد، ومن تيسير الأمر أن ييسر للداعي أن يأتي جميع الأمور من أبوابها، ويخاطب كل أحد بما يناسب له، ويدعوه بأقرب الطرق الموصلة إلى قبول قوله.
( وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ) وكان في لسانه ثقل لا يكاد يفهم عنه الكلام كما قال المفسرون كما قال الله عنه أنه قال وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فسأل الله أن يحل منه عقدة يفقهوا ما يقول فيحصل المقصود التام من المخاطبة والمراجعة والبيان عن المعاني
( وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي ) أي معينا يعاونني ويؤازرني ويساعدني على من أرسلت إليهم وسأل أن يكون من أهله لأنه من باب البر وأحق ببر الإنسان قرابته ثم عينه بسؤاله فقال ( هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي ) أي قوني به وشد به ظهري قال الله سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا
( وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) أي في النبوة بأن تجعله نبيا رسولا كما جعلتني
ثم ذكر الفائدة في ذلك فقال ( كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ) علم عليه الصلاة والسلام أن مدار العبادات كلها والدين على ذكر الله فسأل الله أن يجعل أخاه معه يتساعدان ويتعاونان على البر والتقوى فيكثر منهما ذكر الله من التسبيح والتهليل وغيره من أنواع العبادات
( إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا ) تعلم حالنا وضعفنا وعجزنا وافتقارنا إليك في كل الأمور وأنت أبصر بنا من أنفسنا وأرحم فمن علينا بما سألناك وأجب لنا فيما دعوناك
فقال الله ( قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ) أي أعطيت جميع ما طلبت فسنشرح صدرك ونيسر أمرك ونحل عقدة من لسانك يفقهوا قولك ونشد عضدك بأخيك هارون وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ
وهذا السؤال من موسى عليه السلام يدل على كمال معرفته بالله وكمال فطنته ومعرفته للأمور وكمال نصحه وذلك أن الداعي إلى الله المرشد للخلق خصوصا إذا كان المدعو من أهل العناد والتكبر والطغيان يحتاج إلى سعة صدر وحلم تام على ما يصيبه من الأذى ولسان فصيح يتمكن من التعبير به عن ما يريده ويقصده بل الفصاحة والبلاغة لصاحب هذا المقام من ألزم ما يكون لكثرة المراجعات والمراوضات ولحاجته لتحسين الحق وتزيينه بما يقدر عليه ليحببه إلى النفوس وإلى تقبيح الباطل وتهجينه لينفر عنه ويحتاج مع ذلك أيضا أن يتيسر له أمره فيأتي البيوت من أبوابها ويدعو إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن يعامل الناس كلا بحسب حاله وتمام ذلك أن يكون لمن هذه صفته أعوان ووزراء يساعدونه على مطلوبه لأن الأصوات إذا كثرت لا بد أن تؤثر فلذلك سأل عليه الصلاة والسلام هذه الأمور فأعطيها
وإذا نظرت إلى حالة الأنبياء المرسلين إلى الخلق رأيتهم بهذه الحال بحسب أحوالهم خصوصا خاتمهم وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم فإنه في الذروة العليا من كل صفة كمال وله من شرح الصدر وتيسير الأمر وفصاحة اللسان وحسن التعبير والبيان والأعوان على الحق من الصحابة فمن بعدهم ما ليس لغيره
وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ( 37 ) .
لما ذكر منته على عبده ورسوله، موسى بن عمران، في الدين، والوحي، والرسالة، وإجابة سؤاله، ذكر نعمته عليه، وقت التربية، والتنقلات في أطواره فقال: ( وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرَى ) حيث ألهمنا أمك أن تقذفك في التابوت وقت الرضاع، خوفا من فرعون، لأنه أمر بذبح أبناء بني إسرائيل، فأخفته أمه، وخافت عليه خوفا شديدا فقذفته في التابوت، ثم قذفته في اليم، أي: شط نيل مصر، فأمر الله اليم، أن يلقيه في الساحل، وقيض أن يأخذه، أعدى الأعداء لله ولموسى، ويتربى في أولاده، ويكون قرة عين لمن رآه، ولهذا قال:
إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى ( 38 ) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ( 39 ) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ( 40 ) وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ( 41 ) .
( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي ) فكل من رآه أحبه ( وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي ) ولتتربى على نظري وفي حفظي وكلاءتي، وأي نظر وكفالة أجلّ وأكمل، من ولاية البر الرحيم، القادر على إيصال مصالح عبده، ودفع المضار عنه؟! فلا ينتقل من حالة إلى حالة، إلا والله تعالى هو الذي دبّر ذلك لمصلحة موسى، ومن حسن تدبيره، أن موسى لما وقع في يد عدوه، قلقت أمه قلقا شديدا، وأصبح فؤادها فارغا، وكادت تخبر به، لولا أن الله ثبتها وربط على قلبها، ففي هذه الحالة، حرم الله على موسى المراضع، فلا يقبل ثدي امرأة قط، ليكون مآله إلى أمه فترضعه، ويكون عندها، مطمئنة ساكنة، قريرة العين، فجعلوا يعرضون عليه المراضع، فلا يقبل ثديا.
فجاءت أخت موسى، فقالت لهم: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ
( فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا ) وهو القبطي لما دخل المدينة وقت غفلة من أهلها، وجد رجلين يقتتلان، واحد من شيعة موسى، والآخر من عدوه قبطي فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ فدعا الله وسأله المغفرة، فغفر له، ثم فر هاربا لما سمع أن الملأ طلبوه، يريدون قتله.
فنجاه الله من الغم من عقوبة الذنب، ومن القتل، ( وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا ) أي: اختبرناك، وبلوناك، فوجدناك مستقيما في أحوالك أو نقلناك في أحوالك، وأطوارك، حتى وصلت إلى ما وصلت إليه، ( فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ) حين فر هاربا من فرعون وملئه، حين أرادوا قتله، فتوجه إلى مدين، ووصل إليها، وتزوج هناك، ومكث عشر سنين، أو ثمان سنين، ( ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى ) أي: جئت مجيئا قد مضى به القدر، وعلمه الله وأراده في هذا الوقت وهذا الزمان وهذا المكان، ليس مجيئك اتفاقا من غير قصد ولا تدبير منا، وهذا يدل على كمال اعتناء الله بكليمه موسى عليه السلام، ولهذا قال: ( وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي ) أي: أجريت عليك صنائعي ونعمي، وحسن عوائدي، وتربيتي، لتكون لنفسي حبيبا مختصا، وتبلغ في ذلك مبلغا لا يناله أحد من الخلق، إلا النادر منهم، وإذا كان الحبيب إذا أراد اصطناع حبيبه من المخلوقين، وأراد أن يبلغ من الكمال المطلوب له ما يبلغ، يبذل غاية جهده، ويسعى نهاية ما يمكنه في إيصاله لذلك، فما ظنك بصنائع الرب القادر الكريم، وما تحسبه يفعل بمن أراده لنفسه، واصطفاه من خلقه؟ «
»
اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ( 42 ) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ( 43 ) فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ( 44 ) قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى ( 45 ) قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ( 46 ) .
لما امتن الله على موسى بما امتن به، من النعم الدينية والدنيوية قال له: ( اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ ) هارون ( بِآيَاتِي ) أي: الآيات التي مني، الدالة على الحق وحسنه، وقبح الباطل، كاليد، والعصا ونحوها، في تسع آيات إلى فرعون وملئه، ( وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي ) أي: لا تفترا، ولا تكسلا عن مداومة ذكري بل استمرَّا عليه، والزماه كما وعدتما بذلك كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا فإن ذكر الله فيه معونة على جميع الأمور، يسهلها، ويخفف حملها.
( اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ) أي: جاوز الحد، في كفره وطغيانه، وظلمه وعدوانه.
( فَقُولا لَهُ قَوْلا لَيِّنًا ) أي: سهلا لطيفا، برفق ولين وأدب في اللفظ من دون فحش ولا صلف، ولا غلظة في المقال، أو فظاظة في الأفعال، ( لَعَلَّهُ ) بسبب القول اللين ( يَتَذَكَّرُ ) ما ينفعه فيأتيه، ( أَوْ يَخْشَى ) ما يضره فيتركه، فإن القول اللين داع لذلك، والقول الغليظ منفر عن صاحبه، وقد فسر القول اللين في قوله: فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى فإن في هذا الكلام من لطف القول وسهولته وعدم بشاعته ما لا يخفى على المتأمل فإنه أتى بـ « هل » الدالة على العرض والمشاورة التي لا يشمئز منها أحد ودعاه إلى التزكي والتطهر من الأدناس التي أصلها التطهر من الشرك الذي يقبله كل عقل سليم ولم يقل « أزكيك » بل قال « تزكى » أنت بنفسك ثم دعاه إلى سبيل ربه الذي رباه وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة التي ينبغي مقابلتها بشكرها وذكرها فقال وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى فلما لم يقبل هذا الكلام اللين الذي يأخذ حسنه بالقلوب علم أنه لا ينجع فيه تذكير فأخذه الله أخذ عزيز مقتدر
( قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا ) أي يبادرنا بالعقوبة والإيقاع بنا قبل أن تبلغه رسالاتك ونقيم عليه الحجة ( أَوْ أَنْ يَطْغَى ) أي يتمرد عن الحق ويطغى بملكه وسلطانه وجنده وأعوانه
( قَالَ لا تَخَافَا ) أن يفرط عليكما ( إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) أي أنتما بحفظي ورعايتي أسمع أقوالكما وأرى جميع أحوالكما فلا تخافا منه فزال الخوف عنهما واطمأنت قلوبهما بوعد ربهما
فَأْتِيَاهُ فَقُولا إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ( 47 ) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى ( 48 ) .
أي: فأتياه بهذين الأمرين، دعوته إلى الإسلام، وتخليص هذا الشعب الشريف بني إسرائيل - من قيده وتعبيده لهم، ليتحرروا ويملكوا أمرهم، ويقيم فيهم موسى شرع الله ودينه.
المصدر:http://www.e-quran.com/saady/saady-s20.html
| |
|
الامل الساطع
المدير العام
الساعه الان : عدد المساهمات : 956 نقاط : 7513 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 23/04/2012 العمر : 29 احترام قوانين المنتدى : دولتي : :
| موضوع: رد: التفسير السعدي لسورة طه الجزء 3 السبت مايو 19, 2012 2:20 pm | |
| شكرا لك على الموضوع موضوع في القمة | |
|